السمنة Obesity
السمنة أو البدانة هي حالة معقدة متعددة الأسباب تترافق مع زيادة في معدل الوفيات والوفيات المبكرة. وهي مشكلة شائعة بشكل متزايد تواجه العمل الطبي والتمريضي، سواء في المرضى داخل أو خارج المشفى. تشير احصائيات ودراسات المعاهد الوطنية لأمراض القلب والرئتين والدم، يعتبر أن السمنة هي السبب الثاني بعد التدخين من الأسباب المؤدية للموت والتي يمكن تجنبها في الولايات المتحدة. يمكن أن ينخفض معدل الحياة عند الشخص البدين بشكل معتدل بما يقارب 2-5 سنوات، بيمنا يمكن أن ينخفض عند شخص مشعر كتلة الجسم BMI عنده أكبر من 40 كغ /م2 أكثر من 13 سنة. تعاني معظم المجتمعات المتقدمة من نمط حياة رتيب قليل الحركة، مع الاعتماد على نوع الأغذية السريعة التحضير والتي تجعل السمنة أكثر شيوعا.
العقابيل الصحية للسمنة:
حسب تقارير المعاهد الدولية للصحة فإن المرضى البدينين لديهم خطورة أكبر بـ 50-100% للموت المبكر من كل الأسباب مقارنة مع الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي وذلك بسبب زيادة اختلاطات الامراض الطبية المرافقة لها. معظم هذه الأمراض هي الأمراض القلبية الوعائية والداء السكري والسرطان. تتوقع منظمة الصحة العالمية WHOأن الموت بسبب اختلاطات السكري المترافقة مع البدانة ستزيد أكثر من 50% خلال السنوات العشر القادمة. فيما يلي أهم الأمراض المترافقة مع السمنة:
الأمراض القلبية الوعائية:
- ارتفاع التوتر الشرياني
- اضطراب شحوم الدم
- أمراض القلب الاكليلية
- قصور قلب احتقاني
- ضخامة بطينات القلب
- التهاب وريد خثاري
- صمة وريد رئوي
صحة المرأة:
- سكري حملي
- عقم
- اضطرابات حملية
- تشوهات جنينية
رئوية
- ربو
- متلازمة نقص التهوية بسبب السمنة
- فرط التوتر الرئوي
- عسرة تنفس انسدادية أثناء النوم Obstructive sleep apnea
- نسائية بولية
- سلس بول جهدي
غدد صماء
- سكري نمط ثاني
- مقاومة للأنسولين
- متلازمة المبيض متعدد الكيسات
- المتلازمة الاستقلابية
عضلات هيكلية:
- أمراض المفاصل والأقراص الفقرية التنكسية
- النقرس
- ألم أسفل الظهر المزمن
- التهاب الصفاق الأخمصي
عصبية ونفسية:
- اكتئاب
- قلق
- فالج
- صداع شقيقة
معوية هضمية
- حصيات مرارية
- فتوق بطنية
- جذر معدي مريئي
إن تخفيض بسيط 1% في مشعر كتلة الجسم يحتمل أن يخفض عدد الأمراض المترافقة مع السمنة، وتكاليف علاجاتها، وهنا دورنا في العمل الطبي والتمريضي في تخفيف انتشار هذا المرض.
نسبة شيوع السمنة وزيادة الوزن:
تشير احصائيات منظمة الصحة العالمية أنه يوجد أكثر من 1.6 بليون شخص في العالم (بين عمر 15 سنة وأكثر) يعانون من زيادة الوزن، ويوجد 400 مليون منهم يعانون من السمنة. وتشير الدراسات لمراكز ضبط الأمراض أن معدل زيادة السمنة خلال السنوات العشر الماضية لم يكون بنفس وتيرة الزيادة الحاصلة العقود الماضية، خاصة عند النساء.
الآلية الإمراضية للسمنة:
تنجم السمنة وزيادة الوزن عن عدم التوازن بين وارد الطاقة وصرفها. في المستوى الأساسي، يساهم أكل الكثير من السعرات الحرارية دون وجود نشاط حركي جسمي كافي في السمنة، وعلى كل حال يتحدد أمر السمنة أيضا بالوراثة ونمط الاستقلاب والحالة البيئية والثقافية والاجتماعية الاقتصادية.
يساهم السلوك والبيئة بشكل كبير في تطور زيادة الوزن والسمنة وهي أهم النقاط لاستراتيجيات الوقاية والعلاج. وقد تكون البيئة والنمط الرتيب للحياة هي أكثر العوامل المساهمة في تطور البدانة متأخرة الظهور عند البالغين، في حين أن العوامل الوراثية تضيف تأثيرات مفاقمة أخرى على الأطفال الذين يعانون من البدانة.
زيادة الوارد من الطاقة: تشير العديد من الاحصائيات والاستبيانات إلى أن الشعب الأمريكي حاليا يأكل 220 سعرة حرارية يوميا أكثر مما كان يأكل قبل عشرين سنة. تعزى هذه الزيادة في السعرات الحرارية بشكل جزئي لاشتراك زيادة حجم الحصص الغذائية والمشروبات المحلاة والوجبات السريعة وأكل وجبات أكثر خارج المنزل والميل أكثر لتناول وجبات طعام سريعة. ومن خلال الدراسات المتوفرة يمكن القول إن أكثر الأطعمة المسببة لزيادة الوزن هي الأطعمة والبطاطا المقلية (الشيبس) والمشروبات المحلاة بالسكر، واللحوم والمقبلات والحبوب المنزوعة القشرة والنقية. بينما تناول الفواكه والخضار واللبن والحبوب الكاملة يمكن أن يساعد بشكل أفضل في الحفاظ على الوزن لفترة أطول.
نقص النشاط الفيزيائي الحركي:
تسببت الزيادة الهائلة في النشاطات المعتمدة على الجلوس نتيجة وجود الأجهزة التي تخفف اليد العاملة، مثل الجلوس الطويل خلف شاشة الكمبيوتر ومشاهدة التلفاز واستخدام أجهزة التحكم استخدام المصاعد بدل الأدراج أو الاعتماد على التنقل بالسيارة للمسافات القريبة، في نقص صرف الطاقة أثناء الحياة الاجتماعية. تشير دراسات مركز تسجيل ضبط الوزن في الولايات المتحدة إلى أن النشاط الفيزيائي المنتظم هو عامل التنبؤ الوحيد والأفضل للتحكم طويل الأمد بالوزن عند المرضى البدينين وزائدي الوزن. لذلك تكون النصيحة الأهم هي المحافظة والتشجيع على برنامج من النشاط الحياتي الفيزيائي الزائد عند الأطفال والكهول، مع إنقاص الوارد من السعرات الحرارية، وذلك للحفاظ على الصحة.
العوامل الوراثية:
من خلال الدراسات الحديثة الأخيرة لخارطة المورثات السمنة عند الإنسان، وجد أن طفرات وحيدة في 11 مورثة ترافقت مع 176 حالة من السمنة في كل العالم. وتم أيضا وضع خارطة لـ 50 موقع صبغي يحتوي على مورثات يمكن أن ترتبط مع السمنة. تشير عدة دراسات على أن الأطفال الذين يكون أحد الوالدين زائد الوزن لديهم فرصة 40% ليصبحوا زائدي الوزن عندما يبلغوا النمو. ويزداد الاحتمال إلى 80% إذا كان كلا الولدين زائد الوزن.
البيئة:
بغض النظر عن الدلالات القوية حول تأثير المورثات على السمنة عند الإنسان، فإن المورثات لا تشكل أكثر من ثلث العوامل المؤثرة على زيادة الوزن. يتفق الخبراء على أنه في حين لم تتغير العوامل الوراثية لزيادة الوزن خلال العقود الثلاث الأخيرة، لوحظ زيادة كبيرة من حالات زيادة الوزن في كل من الأطفال والبالغين، مما يعكس دور الحمية ونمط الحياة كأهم العوامل المؤثرة على زيادة الوزن.
تقييم وتشخيص زيادة الوزن والبدانة
مشعر كتلة الجسم Body Mass Index (BMI):
يعطي مشعر كتلة الجسم مقياس أكثر دقة لكمية الشحوم الكاملة في الجسم من قياس الوزن لوحده. ولكي نقيس مشعر كتلة الجسم نقوم باستخدام المعادلة التالية:
مشعر كتلة الجسم = الوزن (كغ) * / الوزن * الوزن (م2)
BMI = weight (kg)/height (m2)
يمكن أيضا استخدام الوحدات الإنكليزية فتكون الوحدة هي ليبره / إنش مربع.
الأشخاص الذين يكون لديهم مشعر كتلة الجسم 25 كغ / م2 أو أكثر يمكن أن يشعروا باختلاطات مثل ارتفاع الكوليسترول منخفض الكثافة وفرط التوتر الشرياني وما قبل السكر.
محيط الخصر Waist Circumference:
محيط الخصر هو قياس مستقل للخطورة في المرضى ذوي الوزن الطبيعي، إضافة إلى المرضى زائدي الوزن والبدينين. ينعكس الفائض في النسج الشحمية الحشوية المتوضعة في منطقة البطن على قياسات الخصر. يعتبر محيط الخصر مؤشر تنبؤي للإمراضية ويعتبر عامل خطورة مستقل للداء السكري واضطراب الشحوم بالدم وارتفاع التوتر الشرياني والأمراض القلبية الوعائية.
في الجدول التالي التصنيف العالمي لنقص الوزن وزيادته والسمنة عند البالغين حسب تقدير مشعر كتلة الجسم:
تصنيف الوزن حسب مشعر كتلة الجسم كغ /م2 | ||
التصنيف | النقطة الحدية الأساسية | النقاط الحدية الإضافية |
ناقصي الوزن | أقل من 18.5 | أقل من 18.5 |
نحيل بشدة | 16 | 16 |
نحيل بشكل متوسط | 16-16.99 | 16-16.99 |
نحيل بشكل خفيف | 17 – 18.49 | 17 – 18.49 |
المدى الطبيعي | 18.5 -24.99 | 18.5 – 24.99 |
زائد الوزن | أكبر أو يساوي 25 | أكبر أو يساوي 25 |
ما قبل السمنة | 25 – 29.99 | 25 – 27.49
25 -29.99 |
سمنة | أكبر أو يساوي 30 | أكبر أو يساوي 30 |
سمنة صنف أول I | 30 -34.99 | 30 – 32.49
32.50 – 34.99 |
سمنة صنف ثاني II | 35 – 39.99 | 35 – 37.49
37.50 – 39.99 |
سمنة صنف ثالث III | أكبر أو يساوي 40 | أكبر أو يساوي 40 |
المصدر منظمة الصحة العالمية WHO |
طريقة قياس محيط الخصر:
من أجل القياس الدقيق لمحيط الخصر، يجب ان يبقى المريض بلباسه الداخلي فقط وبوضعية الوقوف. يتم رسم خط أفقي مباشرة فوق أعلى حافة للعرف الحرقفي الأيمن يتم مصالبته مع خط عمودي على منتصف الجسم. يجب وضع شريط القياس على المستوي الأفقي حول البطن عند سوية هذه العلامة على الجانب الأيمن للجذع، يجب ان يكون مستوي شريط القياس مواز لمستوي الأرض ويجب ألا يكون الشريط مطاطيا مرنا، لا يكون مشدودا أو مرخيا بحيث يلامس الجلد دون أن يضغط النسج الرخوة، ونتجنب دوران الشريط. وفي الجدول القيم التي تشير إلى قياسات محيط الخصر ذات الخطورة العالية:
جدول قياسات الخصر ذات الخطورة العالية |
الرجال أكبر من 40 إنش (102 سم) |
النساء أكبر من 35 إنش (88 سم) |
المصدر NHLBI.5 |
نسبة الخصر إلى الورك Waist-to-hip ratio (WHR):
نسبة الخصر إلى الورك هي إحدى القياسات التي يمكن للطبيب استخدامها لمعرفة وجود زيادة الوزن. على عكس مؤشر كتلة الجسم الذي يحسب نسبة الوزن إلى الطول، ويقيس نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك. ويحدد مقدار الدهون المخزنة على الخصر والوركين، والأرداف.
وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإن نسبة الخصر إلى الورك الصحيحة هي:
0.9 أو أقل لدى الرجال
0.85 أو أقل للنساء
يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب وغيرها المرتبطة بزيادة الوزن عندما تكون نسبة الخصر إلى الورك في كل من الرجال والنساء، 1.0 أو أعلى.
طرق لحساب نسبة الخصر إلى الورك:
يمكنك معرفة نسبة الخصر إلى الورك:
بوضعية الوقوف وإجراء زفير. نستخدم شريط القياس لقياس المسافة حول أصغر جزء من الخصر، فوق زر البطن مباشرة. هذا هو محيط الخصر. ثم نقيس المسافة حول الجزء الأكبر من الوركين – أكبر جزء من الأرداف. هذا هو محيط الورك. يتم حساب نسبة الخصر إلى الورك عن طريق تقسيم محيط الخصر على محيط الورك.
ويعتبر وسيلة سهلة وغير مكلفة ودقيقة لمعرفة مقدار الدهون في الجسم. ويمكن أن يساعد أيضا في التنبؤ بمخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكري. تشير بعض الدراسات إلى أن نسبة الخصر إلى الورك أكثر دقة من مؤشر كتلة الجسم للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة المبكرة. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2015 لأكثر من 15000 من البالغين أن ارتفاع معدل وفيات النساء يرتبط بزيادة خطر الوفاة المبكرة، حتى في الأشخاص الذين يعانون من مؤشر كتلة الجسم العادي. وقد تكون هذه الطريقة مفيدة بشكل خاص في مجموعات معينة من الناس مثل المرضى كبار السن الذين تغيرت مكونات الجسم لديهم.
تشمل الإجراءات الأخرى المستخدمة في عدد من المراكز السريرية ما يلي:
- قياس الطية الجلدية بواسطة الملقط
- تحليل المعاوقة الكهربائية الحيوية
- قياس الامتصاص الإشعاعي ثنائي الطاقة (DEXA)
- الموجات فوق الصوتية لتحديد سمك الدهون
- الوزن تحت الماء
التقنيات القياسية لقياس الدهون الحشوية هي التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والطبقي المحوري (CT). تشمل التقنيات الأقل تكلفة للقياس المباشر للدهون الحشوية الموجات فوق الصوتية للبطن والمعاوقة الكهربائية الحيوية للبطن.
الاستقصاءات المخبرية:
يمكن أن تشمل الدراسات المخبرية القياسية التالية في تقييم البدانة:
- اختبارات الدهون الصيامي
- دراسات وظائف الكبد
- اختبارات وظائف الغدة الدرقية
- سكر الغلوكوز الصيامي والسكر الخضابي A1C (HbA1c)
يتم إجراء الاختبارات الاخرى حسب الاستطبابات السريرية. على سبيل المثال، يلزم اجراء اختبار بول 24 ساعة الخالي من الكورتيزول فقط عند الاشتباه سريريا بمتلازمة كوشينغ أو غيرها من الحالات فرط الكورتيزول بالدم. ومع ذلك، ما يقرب من 4٪ من المرضى الذين يعانون من متلازمة كوشينغ لديهم قيم بول خالية من الكورتيزول طبيعية.
الدكتور فايز فتحي عرابي