المعالجة بالأوكسجين عالي الضغط
Hyperbaric Oxygen Therapy
المعالجة بالأوكسجين عالي الضغط علاج طبي يتم فيه إدخال المريض كلياً داخل غرفة، ويتم داخل هذه الغرفة استنشاق أكسجين 100% وتحت ضغط (1.2 – 3) ضغط جوي بحيث تكون محكمة الإغلاق أثناء الجلسة العلاجية، تستمر الجلسة من60 إلى 120 دقيقة وتكرر يومياً من 10 إلى 20 جلسة أو أكثر حسب الحالة.
أهمية الأوكسجين: (الأوكسجين أوكسير الحياة)
يستطيع الإنسان الاستغناء عن الشراب والطعام وعن الكثير من الحاجات والاحتياجات لساعات طويلة، بل لعدة أيام، ولكنه لا يستطيع أبداً الاستغناء عن الهواء -وتحديدا الأوكسجين- لأكثر من دقائق معدودات، ويتكون الهواء بشكل طبيعي من عدة غازات، جهزه الله سبحانه وتعالى ليلائم حياة كل الكائنات على الأرض، وهو يشغل الفراغ الجوي ابتداء من سطح الأرض وحتى حاجز الغلاف الجوي بارتفاع 300كم.
وينشأ الضغط الجوي عن وزن الغازات المكونة للهواء ويؤثر في جميع المخلوقات والموجودات فوق سطح الأرض، ويكون تأثيره متساوي من جميع الجهات على أي نقطة محددة فيها. ولذلك فهو دائما متعادل على أجسام الكائنات الحية ومنها الإنسان عند مستوى سطح البحر وعلى خط عرض 45 شمالاً يكون الضغط الجوي 760 ميليمتر زئبقي.
الأوكسجين هو الغاز الوحيد الداعم واللازم لحياة الإنسان والكائنات الأخرى، وهو سر وأساس الوجود. وتعمل الغازات الأخرى في الهواء كعربة نقل أو وسيلة لتخفيف وتلطيف تركيز الأوكسجين وفق الحد الذي أراده الخالق الكريم لهذه الحياة.
ينجم الضغط الجوي عن وزن الهواء المكون من (21% أوكسجين 79% نيتروجين). نسبة ضغط الأوكسجين 21% من الضغط الجوي أي 152 ملم/زئبق، يذوب الأوكسجين أثناء تبادل الغازات في الرئة ويتم حمله على الهيموجلوبين الموجود في الكريات الحمراء، وينتقل عبر الدورة الدموية إلى جميع أجزاء الجسم.
يفقد الأوكسيجين جزءاً من ضغطه، عندما ينتقل من الأوعية الدموية الكبيرة الى الأصغر فالأصغر، ليصبح الضغط في الشعيرات الدموية الدقيقة 30 ملم/زئبق (عند مستوى سطح جلد الأنسان) حيث ينتشر ويذوب داخل السائل الخليوي ليعطي الطاقة اللازمة للبناء،
هذا ما يحدث في جميع الحالات الطبيعية.
لماذا الأوكسجين 100% تحت ضغط عالي؟
عند إعطاء أوكسجين 100% تحت ضغط جوي من 1500 1800 ملم زئبق أي 10 أضعاف الضغط الطبيعي، تذوب كمية كبيرة من الأوكسجين في المصل أثناء عملية تبادل الغازات وتعادل الكمية المذابة في هذه الحالة ستة أضعاف الكمية المطلوبة لخلايا الجسم. ينتقل الأوكسجين تحت هذا الضغط ويفقد جزءاً منه كلما انتقل من الأوعية الدموية الكبيرة إلى الأصغر فالأصغر حتى يصل إلى الشعيرات الدموية الدقيقة يصبح ضغطه من 80 280- ملم زئبق (الطبيعي 30 ملم زئبق). يعمل هذا الضغط العالي على زيادة التروية الدموية الدقيقة وعلى تصنيع طرق وأوعية دقيقة أخرى في الأنسجة، ويساعد على استمرار وسرعة تغلغل وإذابة الأوكسجين في الأنسجة، كما يعمل على قتل الجراثيم.
تستخدم تقنية المعالجة بالأوكسجين عالي الضغط HyperBaric Oxygen Therapy غرف خاصة تدعى أحياناً بغرف الضغط، تسمح للأشخاص داخلها بالحصول على مستويات عالية من الأوكسجين في الدم. وذلك عبر ضغط الهواء في الغرفة إلى 3 -1.2 مرة أكثر من الضغط الجوي. مما يحمّل الدم كميات كبيرة من الأوكسجين إلى الأعضاء والأنسجة في الجسم، مؤدياً إلى زيادة الأكسجة فيها. وبذلك يمكن للجروح خاصة التي تعرضت للإنتان أن تشفى بشكل أسهل وأفضل.
في هذه الطريقة نفكر بالأوكسجين كدواء وغرفة الضغط هي جهاز معايرة جرعة العلاج. ويكون زيادة تركيز الأوكسجين هو التأثير الأولي للعلاج.
لتبسيط الفكرة لا بد من معرفة أن ضغط الأوكسجين في ضغط الهواء في جو الغرفة هو 160 مم زئبق ويصبح 100 مم زئبق في الأوعية الشعرية الرئوية، ثم يصبح 85 مم زئبق عندما يغادر القلب ثم يهبط إلى 70 مم زئبق في الشرينات المحيطية ثم يصبح 50 مم زئبق عند دخول الأحشاء ويصل للخلية الهدف بضغط من 1 إلى 10 مم زئبق. ليصل في النهاية إلى صانعات الطاقة Mitochondria بضغط 0.5 مم زئبق وهذا يساوي 0.3% من ضغط الأوكسجين بالهواء. علما أنها هي صانعات الطاقة بالجسم.
جدول يببن تغير ضغط الأوكسجين في جسم الإنسان
100 مم زئبق في الأوعية الشعرية الرئوية
85 مم زئبق عندما يغادر القلب
70 مم زئبق في الشرينات المحيطية
50 مم زئبق عند دخول الأحشاء
1 – 10 مم زئبق في الخلية
0.5 مم زئبق في المقتدرات Mitochondria
- لا يكفي تنفس المزيد من الأوكسجين لأن هواء الغرفة يحتوي على %21 أكسجين فقط، يكفي لملء معظم أماكن ارتباط الأوكسجين في الكريات الحمراء من خلال حمله على الهيموغلوبين.
- تنفس الأوكسجين %100 يملأ أماكن الارتباط القلية المتبقية على الهيموغلوبين. مما يزيد نسبة أكسجين الدم بشكل قليل جداً. يمكن أن يكون مساعداً في إنقاذ الحياة خاصة عندما تكون مستويات الأوكسجين منخفضة، لكن يكون تأثيرها قليل عندما يكون مستوى الأوكسجين في البداية طبيعياً.
- زيادة ضغط الأوكسجين يشجع الأوكسجين على الانحلال في مصل الدم، يتم ذلك بوضع المريض في غرفة محكمة الإغلاق، ويتم رفع الضغط تدريجياً إلى مستويات ملائمة لحالة المرضى وهنا نعتبر الأوكسجين هو الدواء والغرفة عالية الضغط هي جهاز ضبط الجرعات والآلية الأساسية لعملها هي زيادة توتر الأوكسجين الأنسجة المعالجة
تغير ضغط الأوكسجين حسب تغير الضغط الجوي | ||
نسبة الأوكسيجين% | ضغط الأوكسيجين | ضغط الأوكسجين في الأوعية الشعرية |
100 % O2 | الهواء الطبيعي | 50 ملم زئبق |
100 % O2 | 1 ضغط جوي | 75 ملم زئبق |
100 % O2 | 1.3 ضغط جوي | 246 ملم زئبق |
100 % O2 | 1.5 ضغط جوي | 437.5 ملم زئبق |
أساس عمل أو كيفية تأثير الأوكسجين عالي الضغط:
ينظم قانون هنري العلاقة بين كمية الغاز التي تذوب في سائل معين وبين الضغط الجزئي لذلك الغاز عند درجة حرارة محددة. وطبقا للقانون المذكور فإن كمية الغاز التي تذوب في السائل تتناسب طرداً مع الضغط الجزئي للغاز في درجة حرارة معينة. وعلى هذا الأساس تزداد كمية أو حجم الأوكسجين المذاب في الدم وسوائل الجسم الأخرى بزيادة الضغط الجزئي للأكسجين المستنشق من قبل الإنسان.
يمكن تلخيص تأثير الأوكسجين عالي الضغط العلاجي بما يلي:
- عند زيادة ضغط الأوكسجين المستنشق إلى ضعف الضغط الجوي، يزداد ضغط الأوكسجين في المصل وسوائل الجسم الأخرى عشر مرات عن مستواه الطبيعي أي بزيادة 1000%، وعند هذا الضغط تذوب كمية كافية من الأوكسيجين في سوائل الجسم وتذهب مباشرة إلى الخلايا والأنسجة التي حرمت منه -جزئياً أو كلياً- بسبب المرض أو الإصابة؛ وهكذا يكون الأوكسجين هنا عنصراً أو مادة منقذة لحالات الإصابات والجروح الشديدة والأمراض المزمنة وفقد الدم الشديد.
- تؤدي زيادة ضغط وكمية الأوكسجين في جسم الإنسان إلى تحفيز الأنسجة المختصة بإنتاج وتكوين كريات الدم البيضاء وإلى زيادة قدرتها الدفاعية في مواجهة الجراثيم والسموم التي تفرزها تلك الجراثيم، وبالتالي تكون فائدة الأوكسجين عالي الضغط هي تقوية قدرة الجسم الدفاعية وزيادتها لتكون قادرة على انهاء أنواع خطيرة من الجراثيم الممرضة.
- في حالات الانصمام بفقاعات الغاز أو الهواء تدخل الفقاعات الهوائية إلى الأوعية الدموية بسبب الجروح الشديدة والإصابات الواسعة، أو نتيجة التداخلات الجراحية بالمناظير، أو أثناء عمليات القلب المفتوح، قد تؤدي هذه الفقاعات إلى انسداد جزئي أو كلي في الأوعية الدموية، وإذا كان الانسداد في أحد شرايين القلب التاجية أو شرايين الدماغ تكون الخطورة عالية جدا وقد تكون قاتلة. يكون دور العلاج بالأوكسجين عالي الضغط هو تقليص حجم الفقاعات إلى سدس حجمها الأصلي خلال فترة قصيرة. وخلال 6 ساعات يتخلص الجسم من جميع الفقاعات. وتعتبر هذه الحالة حالة طوارئ أو حالة إسعافية تحتاج إلى علاج فوري وسريع.
- يؤدي إلى تكوين وتوليد أوعية دموية جديدة لإرواء وتغذية الأنسجة التي تعرضت إلى ضرر وتلف بسبب الأمراض المزمنة أو الإصابات الشديدة، أو تعرضت لخطر الإشعاع لفترة طويلة.
- يساهم في زيادة قدرة أنسجة الجسم على البناء وخاصة الأنسجة التي تتعرض للهدم بسبب المرض المزمن أو الإشعاع أو الحروق.
- للأكسجين عالي الضغط تأثير مقبض للأوعية الدموية وهذا يزيد قدرة الجسم على التخلص من التورم الناجم عن ارتشاح وتجمع السوائل الوذمة.
- يحتاج كل ما سبق إلى طاقة والتي تأتي من استقلاب السكر في الجسم، وبالتالي خفض مستواه في الدم.
- تحفز الفعالية الاستقلابية المتزايدة أثناء التعرض للأكسجين عالي الضغط المتقدرات وتنشطها (الفكرة الأساسية لدراستنا) مما يساعد على تنظيم مستوى سكر الدم حتى بعد فترة من انتهاء العلاج.
حالات استخدام الأوكسجين عالي الضغط:
أقرت المنظمة الأمريكية للغذاء والدواء (FDA)، والجمعية العالمية لطب الأعماق والأوكسجين المضغوط، المعروفة اختصارا (UHMS)، وجمعية طب الأعماق لجنوب الباسفيك (SPUMS)، والأكاديمية الأمريكية لعلوم الأعماق (AAUS)، وجهات علمية وطبية أخرى كثيرة، اعتماد الأوكسجين المضغوط علاجا فعالا وأساسيا في الأمراض التالية:
1- صمات الفقاعات الغازية أو الهواء.
2- التسمم بغاز أول أكسيد الكربون.
3- التسمم بغاز أول أكسيد الكربون المصحوب بتسمم السيانيد.
4- الالتهاب بجرثومة clostridia (الغانغرين).
5- الجروح والإصابات الرضية.
6- مرض تقليل الضغط Decompression
7- المساعدة في شفاء بعض الجروح.
8- القيح داخل القحف.
9- بعض أنواع فقر الدم.
10- التهابات وتآكل الأنسجة الرخوة.
11- ذات العظم والنقي
12- الجروح المتأخرة الناجمة عن الإشعاع.
13- الطعوم الجلدية.
14- الحروق الحرارية.
15- قروح القدم السكرية.
إضافة إلى الأمراض المذكورة والتي يكون فيها الأوكسجين عالي الضغط عنصراً علاجياً أساسياً، يوجد طيفاً آخراً واسعاً من الأمراض والمشاكل الصحية التي يمكن استعمال الأوكسجين عالي الضغط كعلاج مفيد ومساعد استناداً لقناعة الكثير من الجهات والمؤسسات الطبية الرائدة في العالم ومنها منظمة الغذاء والدواء الأمريكية (FAD)، نذكر منها:
1- مرض الزهايمر.
2- شلل العصب الوجهي.
3- بعض الالتهابات المزمنة.
4- مرض “مينيير”.
5- إصابات الحبل الشوكي.
6- بعض إصابات الرياضية.
7- الصداع النصفي.
8- الغرق الجزئي.
9- التهاب المفاصل الروماتزمي.
10- مضاعفات الأورام السرطانية.
11- إصابات الدماغ.
شعور المريض أثناء وجوده في غرفة الضغط لعمل جلسة علاجية يكون الضغط الواقع على الجسم أثناء وجود المريض داخل الغرفة متساوياً، ومضاداً في الاتجاه فالمحصلة تصبح صفراً. ولا يشعر المريض بأي ضغوط على جسمه ما عدا إذا كان (نفير أوستاش) في الأذن مغلقاً أو منقبضاً مثلما يحدث أثناء نزلات البرد فيشعر المريض بآلام في أذنه.
تأثير الأوكسجين على أعضاء الجسم أثناء العلاج
يعمل الأوكسجين الزائد عن احتياج الجسم في الدورة الدموية على تقبض الأوعية الدموية في الأعضاء السليمة وبذلك يقلل من كمية الأوكسجين الكبيرة الواصلة لهذه الأعضاء ويكون بمثابة حماية طبيعية للأعضاء السليمة عند تعرضها للأكسجين تحت الضغط، وبذلك لا تتأثر. لكنه يعمل على توسيع الأوعية الدموية الدقيقة عندما يصل بكمية كافية إلى الأجزاء المصابة في الجسم، وبذلك يصل الأوكسجين إلى الخلايا المصابة ويعمل على حيويتها مرة أخرى.
المضاعفات بالنسبة لهذا العلاج
طبعا أي علاج له مضاعفات ولكنها تكون بنسبة ضئيلة جداً إذ اتبع الأسلوب العلمي السليم قبل إعطاء العلاج، حيث نجري أشعة للصدر للتأكد من سلامته من الأمراض. ونجري كشف أنف وأذن للتأكد من سلامة نفير أوستاش في الأذن وكونها مفتوحة وحرة. وأيضا عمل كشف قعر عين لمرضى الشبكية.
إعداد المعالج الفيزيائي بسام اليوسف خريج عام 2017
مراجعة وإشراف
الدكتور فايز فتحي عرابي