المساقات التعليمية عبر النت
يستند الطلّاب المتحمّسون للتعلّم عبر المساقات عبر النّت إلى عدة أسباب تجعلهم يفضلون نمط التعليم هذا (التّعلّم الافتراضي)، وكثيراً ما يحبون في هذا النوع من التعليم مرونته المهمة في غالب الأحيان للتمكن من الدراسة والتّعلّم حسب الوقت المتاح للدارس “وقتي”. للأسف قد تكون هذه المرونة سبباً في تأخر بعض طلّاب المساقات في تأدية واجباتهم، أو إخفاقهم في المشاركة في عملية التّعلّم، والتي تسبّب غالباً فشلَ الطلّاب أو ضعف الأداء.
يعتبر التّوجّه الذّاتيّ والقدرة والرّغبة في توجيه الفرد لتعليم نفسه عواملاً أساسيّة في نجاح الطلّاب في نظام التّعلّم عبر المساقات. على طلّاب التّعلّم عبر المساقات أن يكونوا أكثر استقلاليّة وأكثر تحملاً لمسؤولية تعلّمهم من طلّاب الطرق الّتقليديّة. يشتمل التّعلّم الموجَّه ذاتيّاً على مجموعة من المهارات: التّنظيم والتّحفيز والشّعور بالثّقة.
السؤال:
هل يتعلّم طلّاب التّعلّم عن بعد كيف يوجّهون أنفسهم، أم لا؟
أي هل هم متوجهون ذاتياً بطبيعتهم ؟
يعتقد معظم المدرسين وجود دور للأمرين.
التّحفيز الدّاخليّ عند المتعلّمين مطلوب في أي عمر وفي أي حالة تعليم، مع أن تعلّم الجزء الأكبر من مستلزمات التّوجّه الذّاتيّ أمراً ممكناً، وهو عبارة عن سلوك محدّد يمكن التدرب عليه وتحقيقه.
الكلام موجه في هذه المقالة لصنفين من القرّاء.
أوّلاً من أجل طلّاب المساقات عبر النّت. أدرجت استراتيجية من خمس خطوات، تضمّنت مجموعة من السّلوكيّات اعتبرها الطلّاب عواملاً هامّة لنجاحهم في إتمام دورات دراسية جامعية في المساقات عبر النّت من أجل الاعتمادية.
ثانياً: من أجل المعلمين، ذكرت مجموعة من الاقتراحات والأفعال التي تدعم الطلّاب ليصبحوا متعلّمين قادرين على التّوجّه الذّاتيّ. أحد الاقتراحات هو إعطاء المسؤوليّة للمتعلّم، وهذا يعتبر عنصراّ هامّاً في علاقة المتعلّم مع معلّمه.
نذكر في المقالة استراتيجيّة من خمس خطوات لطلّاب المساقات التعليمية عبر النت. تم استخلاص هذه الاستراتيجيات من مصادر متعددة. لدراسات وإحصائيات لطلّاب تعلّموا عبر المساقات التعليمية عبر النّت منهم لمدة أربع سنوات وأكملوا الدراسة بنجاح.
الخطوة الأولى: قراءة مفردات المنهج Syllabus
يعد المنهج مصدراً هامّاً لأي دورة تدريبيّة. وهو خارطة الطّريق أو ” خطّة اللّعب” لكامل الدّورة التدريبيّة-لذلك علينا أن نتعرّف عليه بشكل جيّد. ونحصل على نسخة ورقيّة منه في اليوم الأوّل، ونقرأه مرّتين.
نحدّد في نفس الوقت العناوين الرئيسة، ثم ندوّن تواريخ الاختبارات والنّقاشات ذات الصّلة في التقويم الشّخصيّ لنا.
إذا كنا نحتاج إلى أشياء أخرى تذكرنا، نضيفها أيضاً.
عندما تبدأ الدّورة التدريبيّة نقوم بمراجعة تعليمات واجبات الدروس ومحاور النّقاش في البرنامج التدريبي.
نراجع إرشادات المرحلة في بداية كل أسبوع ونتحقق من التواريخ الواجبة (مرة أخرى). مع الوقت سيكون الأمر مدهشاً لنا، عندما نرى أن الواجبات صارت أسهل ونصبح متآلفين أكثر مع الدروس وتعليمات الدروس.
للطلّاب المتعلمين عبر الإنترنت واجبات حياتية ملزمة لهم. وقد تفرض عليهم صعوبات إضافية لتنظيم الوقت، حيث يمكن أن يفوتهم الاختبار في البداية ريثما يستطيعون التأقلم مع برنامج الحياة الجديد. ومن خلال خبرات الطلّاب نجد أن إدخال مواعيد الواجبات على التّقويم الشّخصيّ، هو الطّريقةَ الأكثر فعاليّة. بحيث نصبح قادرين على الوصول إلى تلك المواعيد والقيام بالواجبات.
ملاحظة عن توقيت عمل الواجبات:
إذا كنا متأكدين من عدم استطاعتنا إنهاء الواجبات قبل انتهاء التّاريخ المحدّد بسبب ضغوطات الحياة (المرض، العمل، الكوارث، الخ)، يجب أن نتواصل مع المعلّم حالما نستطيع، قبل انتهاء التاريخ المحدّد للواجب. يمكن أن نحصل على المزيد من المراعاة من قبل المعلّم عند التواصل معه/معها قبل وقوع التأخير وإمكانية خسارة الامتحان.
الخطوة الثانية: وضع خطّة لأوقات الدّراسة أسبوعيّاً
ليس من السّهل الدّراسة والمشاركة في منتديات النّقاش وإتمام الواجبات في المساقات، وخاصة عندما نحمل العديد من المسؤوليات. تعتبر إدارة الوقت أمراً هامّاً عند طلّاب المساقات. يقوم الطلّاب الناجحون في المساقات غالباً بالتخطيط لتنظيم الوقت للدراسة وتجنب الخروج عن الجدول الزمني المحدد كل أسبوع. حسب الدراسة التي أشير إليها في هذا المنشور، قام 79% من طلّاب هذه الطريقة بإدارة أوقاتهم واعتبروها مهمة من أجل نجاحهم (Roper, 2007).
تنظيم جدولاً والالتزام به.
يذكر طلّاب المساقات أن أحد العوامل التي تساعد على النجاح هي التنظيم والتجهيز. على سبيل المثال:
- قراءة الدّروس خلال الأسبوع في المساء.
- تخصيص عطل نهايات الأسبوع من أجل القيام بالاختبارات.
- تخصيص اليوم الثاني من العطلة (السبت أو الجمعة) من أجل نشر المنشورات عبر الإنترنت والمشاركة في المنتديات والاستفادة مما تعلمنا في بناء الأفكار والمشاريع.
الخطوة الثالثة: الدخول إلى الصّفحة الرّئيسة للمساق ما لا يقل عن ثلاث مرات في الأسبوع.
يرتبط الدخول إلى صفحة المساق الرئيسة باستمرار بدرجات أعلى، حسب دراسات عديدة حول سلوك طلّاب المساقات.
الاعتياد على الدخول باستمرار، حتى لو كان يوميّاً، وقراءة منشورات النّقاش أو/والبحث عن إعلانات المدرّب و/أو مراجعة مواضيع المساق. ونحاول المشاركة الفعالة في النّقاشات عند الدخول إلى الصفحة.
قد تبدو المناقشات المترابطة مرعبة عند الدخول لأول مرة، إلا أنه قد يكون لدى كل شخص شيئاً قيماً يشارك به.
حينما تدخل باستمرار كل أسبوع وتقرأ وتجيب على مشاركات الزملاء، ستشعر بأنّك جزءٌ من المجتمع وستطوّر خبرة التّعلّم في نفس الوقت.
يذكر الطلّاب في المساقات التعليمية عبر النّت:
أن العلاقات والتفاعلات مع الزملاء الطلّاب تغني التجربة بشكل ممتاز. من المذهل في هذه الطريقة كيف يتعرّف الطلّاب على بعضهم بشكل جيد رغم آلاف الأميال بينهم ورغم أنهم زملاء افتراضيين فقط.
نتعلم الكثير من الطلّاب الآخرين كما نتعلم من المعلّمين.
الخطوة الرابعة: اسأل.
يريد المعلم عادة مساعدة الطلّاب ويريد لهم النجاح. ويتوقع المعلم من الطلّاب طرح الأسئلة. الشكوى المتكررة للمعلمين في المساقات الافتراضية عن الطلّاب هي: “لماذا لا يسألون؟” قد تكون المسافة الافتراضية في التّعلّم عبر المساقات الافتراضي عائقاً، إذا تركت لتبقى عائقاً. لابد من السؤال عند وجود أي تساؤل حول محتوى المساق، أو الحاجة لتوضيح أي فكرة صعبة.
قبل طرح السؤال علينا أن نفكر به ليكون سؤالاً قيماً. وقبل أن ننشر السؤال، علينا معرفة ما الذي نسأل عنه ولماذا. لابد أن نكون واضحين وقادرين على الإيجاز في تواصلنا. هكذا يمكن لنا أن نفرح لأننا سألنا، فالإجابة ستكون شافية.
الخطوة الخامسة: قم بإنشاء شبكة للتواصل مع زملائك الطلّاب.
أصبح التواصل مع زملاء المساقات الافتراضية وبناء مجتمعات تعليمية، أسهل مما نتوقع في ظل توافر وسائل التواصل الاجتماعيّ والتطبيقات في الوقت الحاضر. يمكن ذلك من خلال:
- التواصل مع أحد الطلّاب
- أو إرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني لنسأل أحد الأسئلة.
- أو أنشاء مجموعة فيس بوك Facebook تضم طلّاب الصف باستخدام برنامج Facebook.
- أو يمكن إنشاء مجموعة صغيرة للدراسة.
من الأفضل عند إنشاء مجموعة لمشروع عمل دراسي أن نستخدم برنامج Google Docs. وهو عبارة عن وسيلة تعاونية رائعة، وكذلك عند استخدام Google يمكن أن نستخدم Google+ Hangouts والذي يتيح لنا إجراء محادثة (دردشة) مرئية في الوقت الحقيقي، وكذلك يمكننا من مشاركة المستندات وصفحات الويب.
رسالة إلى كل طالب في المساقات الافتراضية:
تشجع على محاولة تطبيق واتباع إحدى الخطوات الخمس المذكورة آنفاً. على الرغم من أنّه لا نوجد استراتيجيّة محددة بذاتها تضمن النجاح في المساقات الافتراضية، فإنّ محاولة تطبيق إحدى الخطط على الأقلّ أفضل من عدم تطبيق أيٍّ منها.
العامل الهامّ من أجل النجاح في التّعلّم عبر المساقات الافتراضية هو دور المتعلم، فخبرة التّعلّم هي ما تبتكره أنت ويمكن أن تشاركه مع غيرك. كن مشاركاً فعّالاً، اسأل واستمتع بالفرص التي يوفرها التّعلّم.
توصيات للمدرسين:
يقوم المدرس عادة بدور مهم أيضا في تعليم الطّالب المعتمد على التّوجّه الذّاتيّ، وهو إعطاء الطالب المتعلم المسؤولية عن التّعلّم وتوقّع النجاح وأن يرافقه أثناء التعليم. هذه بعض الاقتراحات:
- وضع الخطوط العريضة المتوقعة للمساق التعليمي للطلّاب بشكل شامل. من خلال الرّبط بين التوقعات وبين دور الطلّاب في المساق، نكون قد أعطينا المسؤولية للطلّاب في متابعة العملية التعليمية.
- وضع نمط عن الأسئلة المتوقعة في الأسبوعين الأوليين من المساق. تدعى هذه المرحلة المحفزة في المخطط الدراسي ‘syllabus blues’. يحتاج الطلّاب إلى الدعم في هذه المرحلة أكثر من أي مرحلة أخرى.
- أجب عن أسئلة الطلّاب مباشرة. تعتبر قاعدة الأربع وعشرين ساعة معياراً جيداً.
- لا تتوقع أن يعرف الطلّاب كيف يكونون ذاتيي التّوجّه، قد يحتاجون لتطوير هذه المهارة. وجّه الطلّاب نحو المصادر والمراجع التي تساعدهم في تطوير مهارة التّوجّه الذّاتيّ. توفرُ العديدُ من معاهد التعليم مصادرَ رائعة لطلّاب المساقات. ابحث عما إذا كانت مدرستك تقدّم هذه المصادر، وأخبر طلّابك عنها. إن لم يكن ذلك، اذكر قائمة تتضمن المصادر في مخطط المساق للطلّاب. نذكر بعض الأمثلة الممتازة:
- Tips for Online Success. ION | Illinois Online Network
- Online Study Skills Workshop, https://www.uwinnipeg.ca/academic-advising/study-skills-workshops.html
للتعلم عبر المساقات ثمار إيجابيّة لكل من الطلّاب والمعلّمين. كذلك له تحدياته والتي عرضناها آنفاً في هذا المقال. لكن وجود استراتيجية واضحة للتعلم، استراتيجية مخصصة لمجال التّعلّم عبر المساقات الافتراضية، يتيح للطلّاب عبر المساقات الافتراضية أن يكونوا ناجحين وأن يكونوا متعلّمين على مدى طويل.
أجمل العبارات التي تنطبق على المعلمين والطلّاب ” التّعلّم، ليس رياضة المتفرّجين“.
إعداد. أسماء غنيمة.
الطالبة الأولى على قسم التمريض العام الدراسي 2014 -2016
طالبة في كلية الطب البشري